البخاري مشرف
عدد الرسائل : 203 تاريخ التسجيل : 03/12/2008
| موضوع: رؤية في الفساد الأربعاء أبريل 21, 2010 8:01 pm | |
| علاء حميد | يشير مفهوم الفساد عربيا، بأنه اللهو واللعب واخذ المال ظلما، مما يجعل تلك التعابير (لمفهوم الفساد) توجه المصطلح نحو إفراز معنى يضاد المدلول السلبي للفساد، فهو ضد الجد القائم على فعل الائتمان على ما هو تحت اليد (القدرة والتصرف) لذلك يؤسس مفهوم الفساد على ضوء متجهات تعين، معيارا سلوكيا يميز فاعله عن غيره، في تحقيق صيانة وحفظ ما تحت قدرته، خاصة ما يتعلق بالحق العام، أيضا تقترب مفردة الفساد إنكليزيا (Corruption) من أن تكون ذات دلالات قيمية (على مستوى التصرف والممارسة) حيث تطرح (كلمة Corruption = الفساد) وصفا مشينا للسلوك غير سليم- Dishounor- الناتج عن تفسخ منظومة القيم الاجتماعية. هذا على مستوى معاني اللفظ. بالنسبة لمصطلح الفساد، أما ما يخص المؤسسات الدولية التي تحمل صفة اقتصادية وسياسية منها البنك الدولي، فانه يعرف الفساد (هو استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص) ليتداخل هذا التعريف مع أطروحة صندوق النقد الدولي (IMF) حيث ينظر إلى الفساد هو علاقة الأيدي الطويلة المتعمدة التي تهدف لاستنتاج الفوائد من هذا السلوك لشخص واحد أو لمجموعة ذات علاقة بالآخرين وهنا يتحقق اقتراب المعالجتين (معالجة البنك الدولي وصندوق النقد) كون الفساد مؤطراً بسلوك وسطوة تظهر لنا مخرجات معاني الفساد والحاملة للمواصفات أخلاقية وقيمية. تطرح وصفا أوليا لبنية المجتمع السائد فيه الفساد، ولهذا يصبح (الفساد) علاقة اجتماعية، تسعى لانتهاك قواعد السلوك الاجتماعي، فيما يمثل عند المجتمع المصلحة العامة، لهذا يصنف المختصون في قضايا الفساد أنواعه إلى واسع وضيق فالفساد الواسع ينمو من خلال الحصول على تسهيلات خدمية تتوزع على شكل معلومات، تراخيص...، أما الفساد الضيق فهو قبض الرشوة مقابل خدمة اعتيادية، إن هذا التصنيف (أنواع الفساد) يكشف عن حدود جغرافيا انتشار الفساد في المجتمع ومؤسساته وبالتالي يصبح الفساد موقف اجتماعي إزاء سلم أوليات المجتمع الأخلاقية. ليدخل مظاهر ممارساته (الفساد) كجزء طبيعي في النسق الثقافي- الاجتماعي. أما الفساد في العراق، فأقل ما يقال عنه بأنه أصبح مرآة كبيرة يشاهد فيها المجتمع العراقي حجم الخراب الذي أصابه. لقد تزامن تركم مكونات الفساد في العراق، مع استمرار أو بقاء خلل نوعية العلاقة بين السلطة- المجتمع، فتاريخ تعاون السلطة والمجتمع في العراق، قائم على شيوع حالة الانهدام المزمن في سلامة المجال السياسي بين الاثنين (السلطة، المجتمع Society, Authority) الذي أظهر إشكالية المحسوبية السياسية (Political Nepotism) في الحياة السياسية العراقية التي أوجدت اضطراب بارزاً في توزيع الفرص السياسية بشكل غير متكافيء مما أصاب الممارسة السياسية العراقية بظاهرة التصفير السياسي (Zero Level Scratc) التي تفقد الموقف العراقي السياسي قدرة التراكم والاستيعاب لما يمر به من أزمات ومحن تتطلب الكفاءة والمعالجة. أما بعد تاريخ 9/4/2003 اخذ موضوع الفساد يطرق مجالات واسعة داخل مؤسسة المجتمع العراقي، حيث تكفل أفراد المجتمع بإشاعة ظاهرة الفساد من (سياسيين، مقاولين، إداريين، وغيرهم..) وكان الغالب ينطلق نحو الحصول على ما يمكن من الغنائم، إن هذا النهب الاجتماعي والاقتصادي جاء ليعبر عن صفة الجوع السياسي (Political Poverty) التي أمرضت السلطة بها المجتمع لغرض الحصول على المكانة والدور داخل الحياة السياسية العراقية، الملاحظ لواقع العمل السياسي العراقي، أنه يصوغ فعله السياسي على أساس ديمومة عامل الفساد لأجل إدامة وجود أصحاب الفعل السياسي وإلا بماذا نفسر الغياب الشبه التام لما يدور داخل أروقة مؤسسات المجتمع الاقتصادية والسياسية، إذ يتفق الدارسون للفساد بأن مضاد الفساد الشفافية التي هي حضور المعلومات بشكل متزايد حول حركة العمل الإداري والسياسي والاقتصادي، عندها نسأل ماذا يعرف العراقيون، عن واقعهم الاقتصادي والسياسي، والمعرفة هنا ليس بالمجمل، بل بما يحصل من اتفاقات وعقود، تعبر عن شأنهم الاقتصادي والسياسي، إن غياب ثوابت العمل المؤسسي في العراق، جعل من الفساد آلية للوصول إلى المكانة السياسية، ومزاولة النشاط الاقتصادي، وإلا كيف نحلل بروز المحسوبية الحزبية في العراق التي تنذر بقيام دكتاتورية من نوع جديد هي دكتاتورية الأحزاب السياسية، التي باتت تغلق أبواب فرص العمل في كافة مجالاته (السياسية والاقتصادية والإدارية) أمام المجتمع ما عدا أعضاء تلك الأحزاب، مما يطلق معيار الحزبية على حساب الكفاءة والمهنية، إن العراق اليوم اصبح حاضنة فعالة تدعم حالات الفساد وصوره، فالعراق من الدول المشهورة بالفساد فتسلسله 113 من اصل 133 دولة معروفة بكثرة الفساد فيها، على ضوء ذلك كله لقد كشف حال الفساد العراقي، نجاح السلطة في إزاحة المجتمع (بوصفه الرقيب على ما يجري) ومنعه من الدخول والتحكم حول ما يحدث خلف أبواب المؤسسة السياسية العراقية، لينقسم المكون السياسي العراقي إلى فسطاطين فسطاط أهل السلطة، وفسطاط أهل المجتمع، لذا لا نستغرب من قوة حضور مفردات يتداولها الشارع العراقي (أهل الداخل/ أهل الخارج)، (الغانمون/ المحرمون)،ولهذا تأتي مساهمة مجلة النبأ في فتح هذا الملف (الفساد) الشائك والمعقد، لينذر بوقوع الكارثة قبل حدوثها. |
| |
|