المحاضــرة الأولـى
سـورة قد سمع "مدنية"
الأهـداف :
يتوقع من الطالب في نهاية المحاضرة أن :
1- يتعرف عن المعاني واسباب النزول .
2- يعتقد بقرب الله ومعيته لعبده .
3- يعرف الظهار وأحكامه .
4- يفرق بين نجوى الخير ونجوى الإثم .
5- يمارس آداب المجالس .
6- يتعرف على صفات اليهود والمشركين .
7- يفرق بين حزب الله وحزب الشيطان .
8- يوالي الله ورسوله والمؤمنين .
تفسير السـورة:
قال تعالى (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير) .
تم سماع الله سبحانه وتعالى لجولة بنت ثعلبة وهي تحاور النبي e في زوجها أوس بن الصامت وهي ترفع شكواها إلى الله بزوجها الذي ظاهر منها بعد حب وعمر طويل .
وهذه السورة سميت بالمجادلة بالفتح للدال نسبة إلى السورة والجدال الذي دار بين خولة والنبي e وبكسر الدالة نسبة إلى خولة .
إذاً سبب النزول هذا الموقف الذي دار بين النبي e وخولة رضي الله عنها ، وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: الحمد الله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى النبي e وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله عز وجل "قد سمع الله قول التي تجادلك " فالله سبحانه يسمع السر والنجوى يسمع دبيب النمل يسمع ما في السموات ومافي الأرض .
وعندما سمع سبحانه لم يترك الأمر هكذا بل هو بصير بما يسمع سبحانه فأنزل الأحكام المتعلقة بهذا الظهار الذي معناه أن يقول الرجل لزوجته أنت علي كظهر أمي هكذا نسبوه إلى الظهر مع أنه إذا قال الرجل أنت علي كأمي فهو ظهار أيضاً ، فتصبح الزوجة محرمة حتى يكفر لهذه المعصية .
ثم قال سبحانه "الذين يظاهرون منكم من نسائكم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللاي ولدنهم وإنهم ليقولون منكراً من القول وزورا وأن الله لعفو غفور " .
بين بهذه الآية سبحانه وتعالى طبيعة هذا الظهار أنها لا تصبح أمه فإن الأمهات هن اللاتي ولدن ، وأن هذا القول منكر تنكره الشريعة والنفوس السوية وهو ذنب عظيم وقول فيه كذب وتزوير وافتراء ، ومع ذلك فالله يعفوا عن فاعله إن تاب وكفر عن سيئاته ويغفر له هذا الذنب .
(والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا) أي إذا أرادوا التوبة من هذا الذنب والعودة إلى جماع نسائهم فعليهم قبل ذلك أولاً تحرير رقبة. ذلك ليكون هذاً زاجراً لهم وواعظاً حتى لا يعودوا لمثل هذا ، والله خبير بأعمالهم وبنياتهم فلا يتساهلون بهذا فهو الذي سوف يحاسبهم .
فمن لم يجد تحرير رقبة فعليه بصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فالإطعام لستين مسكينا ذلك لتنفذوا أمر الله ورسوله وهذا حد من حدود الله فمن تجاوزه فقد تعدى وظلم ووقع في المحظور ومن كان مؤمناً بالله ورسوله فلينفذ هذا الطلب عند الوقوع بهذا الذنب وعلى المؤمن اجتناب مثل هذا ومن لم يفعل ذلك فقد عصى الله ووقع في صفات الكافرين فقال سبحانه في نهاية الآية "وللكافرين عذاب أليم" .
ثم انتقل السياق إلى الذين يحاربون الله ورسوله فقال تعالى (إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم ) اخزوا وذلوا واهينوا وأهلكوا كما ذل واهين الذين حاربوا الله قبل والله سبحانه قد بين هذا في ضرب الأمثال في القرآن والقصص في القرآن في الآيات الواضحات- لأنهم استكبروا على الله وعلى رسوله وعلى المؤمنين وعلوا وشمخوا وطعنوا وأهانوا الناس في الدنيا واستعبدوهم وأذلوهم ، والعقاب سوف يكون مقابل هذه الإهانة لهم والذلة والصغار في الآخرة ، فالظلم ظلمات يوم القيامة .
(يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد) وهذا يوم القيام ويوم توف الأعمال وتعرض للعباد وكانوا يعملونها وينسونها في الدنيا ولكن الله يحصي على عباده وجعل لذلك كتبة وحفظة "وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين" "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" والله شهيد على عباده حاضر معهم يسمعهم ويراهم أينما كانوا وهو الذي يحاكمهم يوم القيامة .
ومن ثم أوضح لهم الأمر أكثر بقوله "ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم" .
فالله مع عباده ويجب عليهم استشعار هذه المعية يرقبهم أينما كانوا ويحصى عليهم الأعمال والأقوال وهي مكتوبة في الصحف تنشر يوم القيامة ومع ذلك فالله بكل شيء عليم .
إذا خلوت بريبة في ظلمة فاصل والنفس داعية إلى العصيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذين خلق الظلام يراني
وقال تعالى "أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلا ورسلنا لديهم يكتبون" .
"ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى تم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصبة الرسول وإن جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جنهم يصلونها فبئس المصير"..