لماذا نريد تدقيق ومراقبة مؤسساتنا ??
إن تطور دنيا الأعمال، وتعدد العمليات والصفقات المالية، واختلاف السلوك الإنساني بين الخير والشر ،وتعارض المصالح بين الإدارة والمالكين ، واكتساح ثورة المعلومات، وانتشار التجارة الإلكترونية والإنترنت على نطاق واسع ، ضمن تطور أنشطة المؤسسات الخاصة والعامة، أصبح لهذه المؤسسات الأهمية والدور الأكبر في حياتنا .
أليس بواسطة هذه المؤسسات نخرج من بطون أمهاتنا (المؤسسات الصحية ) ، ثم ندخل المؤسسات العلمية نتعلم ونعلم فيها ( المؤسسات التعليمية )، ثم ندخل المؤسسات الدينية نصلي ونمارس مختلف معتقداتنا فيها ( المؤسسات الدينية ) ، أليست النوادي الاجتماعية والنوادي الكروية محط أنظار ملايين البشر (ريال مدريد مثلا ) . نمارس فيها هواياتنا ، وأوقاتنا الطيبة، ,وأحيانا نمارس فيها هواياتنا غير العادية . أليس بهذه المؤسسات ونشاطها نحمل لتتوارى أجسادنا في التراب ? أليس، أليس? ...الخ
نعم ، من خلال هذه المؤسسات التي أصبحت واقع حياتنا اليومية، وبنية مجتمعنا المدني، والاجتماعي ، والاقتصادي، والديني ، نمارس حياتنا اليومية ، ولهذا فلا بد من حماية هذه المؤسسات، ليس بالبندقية، وبعضلات الفتوة من أعضائها، أو المستأجرين لهذا الغرض، بل، حماية نكفل فيها المحافظة على مواردها المادية والطبيعية والإنسانية ،حتى نكفل نموها بالشكل الطبيعي والسليم ضمن تقدم الحضارة والسير بركابها ، وليس بالرجوع إلى عصور التخلف والعضلات، نعم نريد أن تكبر مؤسساتنا بالتخطيط السليم ،وبالإنسان المنتمي، وبالتقنية الحديثة، وبالإدارة الكفؤة والمؤهلة بسلاح العلم . والسؤال المطروح ، ولكن كيف ?
يقول خبراء التخطيط والإدارة العامة، حيثما وجدت رقابة فعالة، فتأكد أن هناك إدارة ناجحة، هدفها ليس فقط تحقيق الحماية للموارد الطبيعية للمؤسسات ، وانما لرفع الكفاية الإنتاجية، وخلق الإنسان المنتمي ، والاستخدام الأمثل لكل شيئ ينتمي إلى هذه المؤسسات. أليس من حقنا أن نبني دولتنا عن طريق المؤسسات ، وبالتالي نحقق الديمقراطية التي ما زال الغرب يطالبنا بها .
ولكن ، ولما كان العنصر البشري يحمل في نفسه الخير والشر حسب قوله تعالى:
"إنا خلقنا الإنسان إما شاكرا وإما كفورا "
كان لا بد من وجود نظم رقابية فعالة لهذه المؤسسات، سواء بتأسيس نظم رقابية داخلية (تدقيق داخلي ، هيئات الرقابة العامة،) أو خارجية تتمثل بمراقبة الشركات وتدقيق الحسابات التي هدفها إبداء رأي فني ومحايد على صحة تمثيل البيانات المالية لهذه المؤسسات ، وأنها أعدت وفقا للقواعد والمعايير المتعارف عليها إقليميا ودوليا من قبل شخص خارجي يتمتع بكفاءات وأخلاق متفق عليها أيضا عالميا ومحليا من المنظمات المهنية ، لهذا كله أصبح التدقيق واجبا بحكم القانون لهذه المؤسسات لضمان استمراريتها ولضمان حقوق الفئات المستفيدة Users سواء داخل هذه المؤسسات أو خارجها . أليس الكاتب والفيلسوف Amita Etzioni هو القائل :
“Our society is an organizational society. We are borne in Organizations, educated by organization, and most of us spend much of our lives working for organization. We spend much of our leisure time paying, playing, and praying in organization. Most of us will die in an organization ,and when the time comes for burial, the largest organization of all-the state- must grant official permission.
In contrast to earlier societies, modern society has placed a high moral value on rationality, effectiveness, and efficiency. Modern civilization depends largely on organizations as the most rational and efficient form of social grouping known. By coordinating a large number of human actions, the organization creates a powerful social tool. It combines its personnel with its resources, weaving together leaders, experts, workers , machines, and raw materials. At the same time it continually evaluates how well it is performing and tries to adjust itself accordingly in order to achieves its goals …All this allows organizations to serve the various needs of society and its citizens more efficiently than smaller and more natural human groupings, such as families, friendship groups, and communities .
أليس بعد هذا الكلام الجميل يصبح واجبا علينا أن نحمي مؤسساتنا بطريق العقل والمنهج، وان نستبعد المنتفعين والمضللين والهدامين وخصوصا في مؤسساتنا العلمية (المعاهد والجامعات ) ، وهذا برأيي لن يكون إلا برقابة فاعلة لمؤسساتنا ، كل مؤسساتنا، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب .
تحريرا في 25/ 4/ 2010 محمد محمود حوسو
مدقق حسابات قانوني