[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يختص شهر رمضان المبارك عن سائر أشهر العام برزمة من الفضائل والسمات الروحية، تقع في قالب من الممارسات والطقوس العملية والروحية والتي قد لا تختلف من حيث المنظور الكلي لها، وإن كان بالإمكان ملاحظة ملامح لتباين بسيط في تفاصيل وأجزاء هذه الطقوس، وكيفية وقعها وممارستها من شخص لآخر.. وخصوصا ما يتصل منها بالجانب الروحي للفرد وفي مقدمتها الصيام .
فضائل شهر فضيل
تتعدد وتتجذر بعضها من بعض تلك الفضائل والسمات الروحية التي يحملها في طياته هذا الشهر الفضيل ويزكي بها النفوس ويهذبها بحلوله، وينعكس ذلك جليا على سلوك الفرد المسلم وأخلاقه ومعاملاته، فترى حاله في رمضان خلافا لما كان عليه في بقية أشهر السنة .
كما وتتعدد الفضائل والمزايا التي ينفرد بها شهر رمضان المبارك دون سائر أشهر العام، بتعدد أسمائه وصفاته التي وصف وسمي بها ، فهو شهر مبارك، وكريم، وفضيل وهو شهر التوبة والغفران من الله ، وهو الشهر الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم “أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار “ صدق رسول الله .
ففي هذا الشهر المبارك تنقشع غيوم القطيعة وتحل أجواء من الحميمية، وتطل إشراقة الابتسامة والوئام بين الناس ويسود التراحم والتلاحم والتعاطف وصلة الأرحام، وتعمر البيوت بالعبادات وتكتظ المساجد بالمصلين وقراء القرآن الكريم ويحرص الجميع على اكتساب الحسنات ودرء المفاسد والذنوب .
كما تسمو النفوس فيه وتتهذب وتعلو فوق الصغائر، ويتسابق الجميع على فعل الخيرات، وتبرز مشاريع خيرية متعددة كالصدقات ومشاريع إفطار الصائم والولائم الخيرية التي تعكس عمق هذا التراحم، وجانبا من عطف الأغنياء على الفقراء والمعسرين.. فضلا عما يُشهد به لهذا الشهر من الكرم والجود والبركة التي تحل بالأرزاق.
ولرمضان وقعه وحاضره الفريد على كثير من جوانب الحياة، والتي يتضح من خلالها وجود علاقة وطيدة مع هذا الشهر الفضيل بأيامه ولياليه..
ففي هذا الشهر تعود أعمال ومهن متعددة إلى المزاولة بعد أن ظلت غائبة فيما سواه من أشهر الـعام، والعكس من ذلك صحيح، حيث تتوقف مهن وأعمال أخرى بدخول هذا الشهر الفضيل.. فمنذ يومه الأول ترى المحلات المشهورة بإعداد وبيع الأطعمة والحلويات والمشروبات الرمضانية– تراها تبدأ بتدشين خدماتها لزبائنها الصائمين.. فيما تعلن بعض المحلات والورش والمطاعم والبوفيهات وبعض المؤسسات الحكومية والخاصة تعليق أعمالها بمجرد دلوف أول أيامه .
برامج رمضانية
خصوصية شهر رمضان دون غيره من أشهر السنة، وموقعه ووقعه على نفس الفرد المسلم بمجرد دلوف أول أيامه.. كل ذلك وأكثر تستطلعه السطور التالية ..
البداية كانت مع احمد الحمزي “صحفي” والذي قال :” رمضان شهر نستقبله بالفرحة والبهجة والسرور كشهر رحمة ومغفرة وتوبة ورضوان وعتق من النار وطمعا في ما عند الله من الأجر والثواب كشهر تتضاعف فيه الحسنات وتتضاعف فيه الأجور وكشهر خير وبركة .
ويضيف :” أنا لدي وظيفتان حكومية وأخرى في القطاع الخاص، وكل عام وفي شهر رمضان تحديدا آخذ إجازتي السنوية من عملي في القطاع الخاص، حتى يتسنى لي التوفيق بين دوامي لعمل واحد واهتماماتي الرمضانية التي تتعدد في هذا الشهر الفضيل بدءا من الذكر وملازمة المسجد، وقراءة القرآن، وفي العشر الأواخر أقوم بالاعتكاف في المسجد .
فيما يصف وليد زايد ويعمل محاسبا في شركة خاصة برنامجه الرمضاني بقوله:” أنا لي أجندة أعمال متعددة في هذا الشهر المبارك أبدأها بقيامي بأخذ إجازة من عملي طيلة هذا الشهر والتفرغ لجملة من الأعمال الروحية كقراءة القرآن والمكوث في المسجد والتسبيح .. فنحن نعمل طوال العام لدنيانا أوليس الواجب علينا أن نكرس هذا الشهر للجانب الروحي فينا للعبادة والثواب واكتساب الحسنات والأجر الكبير خصوصا أن لهذا الشهر عظمته ومضاعفاته من الأجر والخير والثواب الكبير!؟
دروس وعبر
عبد الحكيم الفقيه “ معلم تربوي وأستاذ فقهي يتحدث عن خصوصية رمضان لديه قائلا :” رمضان شهر تحن إليه النفوس وتشتاق إليه القلوب منذ أن يخرج حتى يعود من جديد، فهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار ، شهر الخير والبركة والأجور المضاعفة .
ويضيف الفقيه :” لا أخفيك أن لهذا الشهر موقعا هاما وبرنامجا خاصا في داخلي بشكل سنوي ، ففيه أقضي أغلب وقتي في المسجد أؤدي الفروض من الصلوات وأقرأ القرآن وأختم المصحف مرات إلى ماشاء الله ، كما ألقي بعض الدروس الفقهية والإرشادية فيما بين صلاتي الظهر والعصر خلال أيام الشهر الفضيل، أسرد خلالها قصصا من سيرة النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، وأفقه إخواني المصلين برمضان والنبي وصحابته وكيف كان يعيش نبينا الأعظم عليه أفضل الصلوات أيام هذا الشهر وفيما كان يقضيه وقته وما أدعيته والغزوات والمعارك والسرايا التي خاضها النبي وأصحابه في هذا الشهر المبارك، وأسأل الله أن يبلغنا رمضان وألا يحرمنا جميعا أجره .
ربة بيت رمضانية
ولرمضان طقوسه ووقعه الخاص ليس لدى الرجال فقط، بل والنساء أيضا، سواء كن عاملات أو ربات بيوت، فرمضان قد يعيد ترتيب الأوراق من جديد وخصوصا لدى العاملات منهن فيجعل الواحدة منهن ربة بيت رمضانية جديرة ومهتمة بإعداد الأنواع المختلفة من أكلاته ومشروباته .
“ أم يوسف” محاسبة مالية بإحدى الصحف الأهلية ، عن برنامجها الرمضاني كموظفة أو كربة بيت قالت:”
أنا في هذا الشهر العظيم من كل عام ربة بيت فقط ، ففيه أقطع إجازة من عملي طيلة الشهر كاملا ، ولا أمارس أي عمل خلال شهر رمضان منذ عدة سنوات.. ففي رمضان ألزم البيت وأقوم بأداء جميع الفرائض من الصلوات في بيتي ومنها ماهو في مسجد النساء بحارتي كصلاة التراويح مثلا، وقراءة القرآن، فأنا أختم المصحف سنويا وأتدارسه مع شقيقات زوجي.
وتشير أم يوسف بقولها :” كما أقوم بإعداد المأكولات الرمضانية بنفسي والتي تدفعني إلى المطبخ في هذا الشهر، علما أني أجيد الطبخ وإن كنت لا أطبخ طوال العام كثيرا، وإن كان ذلك يأتي بعد طول فراق لـ11 شهرا، ولكن هناك من يساعدني في مهمتي، فرمضان له بهجته وعبقه ويشتهر باللمة العائلية .
رمضان القرية
ولرمضان الريف، رمضان القرية رونقه وطابعه الخاص سواء ما يتصل بالجانب الروحي وممارسة العبادات وسط محيط اجتماعي تقليدي من ناحية، أو ما يرتبط بذلك من عادات وتقاليد خاصة برمضان القرية ..
عن هذا الجو الرمضاني الريفي تحدث إلينا أحد عشاق هذا الجو والحريصون على معايشته “يحيى العكاري “ رجل أعمال “ والذي قال:” انأ أقضي 11 شهرا في العاصمة صنعاء أزاول خلالها أعمالي التجارية والعقارية وغيرها .. وما إن يهل هلال رمضان حتى تتساقط أمام ناظري كل انشغالاتي واهتماماتي مهما بلغت أهميتها وقيمتها ولا أعد قادرا على المكوث في أجواء المدينة وضجيجها وعلى الفور تعود إلى ذاكرتي الأجواء الرمضانية في قريتي ( هزم – مديرية أرحب).
يقول العكاري:” كثيرة هي الخصائص التي ينفرد بها رمضان قريتنا وهي التي تجذبني وتشدني وتجعلني غير قادر على الصوم ولو ليوم واحد في العاصمة صنعاء، فأنا أقضي هذا الشهر الفضيل في البلاد مع والديّ وبقية الأهل مستأنسا بجو وطقوس رمضان في القرية بدءا من الصلاة في المسجد العتيق مع زمرة من الأجداد والشيوخ المسنين العاكفين على قراءة القرآن فيما بين الفروض من الصلوات، أو تناول طعام الإفطار معهم في سوح ( فناء) المسجد، ومسامرتهم في مجالس المقيل ومضغ وريقات القات ليلا .
ويختم قائلا :” وبعد انقضاء هذا الشهر تحل مناسبة هي الأخرى أجدر بقضائها في القرية بين الأهل والأحبة أيضا وهي مناسبة عيد الفطر المبارك، لأعود بعدها لمزاولة أعمالي المتوقفة .
ليلة خير من ألف شهر
وعن عظمة هذا الشهر المبارك وثقل حسناته في الميزان، وعظم إحدى لياليه “ليلة القدر” وثواب من يوفق لقيامها بالصلاة والتسبيح وقراءة القرآن ... كل ذلك يوضحه لنا الداعية الإسلامي سيف عبدالرحمن غانم، إمام وخطيب جامع الخير في مذكرة كتب لنا فيها السطور التالية :
“ شهر رمضان الكريم هو شهر خصه الله سبحانه وتعالى بقيمة روحية وعظمة خاصة، فهو شهر الطاعات وشهر القرآن والتسبيح والصلاة والصدقات، ليس لكون اسمه رمضان ولكن لعظم الأجر فيه، ومضاعفة الأجر فالحسنة بعشرة أمثالها والله يضاعف لمن يشاء وفيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين ومن المصائب الكبرى على الشخص المسلم أن يمر عليه هذا الموسم دون استغلاله”.
“ هيهات هيهات لمن أدرك رمضان ولم يستغله خير استغلال ولم ينفض فيه ذنوبه وأوزاره فذلك والله هو خسران مبين ، فإذا أفل رمضان لهذا العام فمن منا يملك اليقين بأنه سيظل قائما على دنياه حتى رمضان المقبل!؟ لا أحد فالموت والحياة بيد الله وحده، والله سبحانه وتعالى يدعو في كتابه الكريم إلى العجلة في التوبة والاتجاه نحو المزيد من التقوى والخشوع بقوله تعالى :” ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق “ صدق الله العظيم .
“ومن الميزات الروحية التي خص بها الباري عزوجل هذا الشهر الكريم أن فيه ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر، كما وصفها الباري عزوجل في كتابه الكريم بأنها خير من ألف شهر ، والألف شهر تساوي 83 سنة و 4 أشهر وقيامها يكون بالصلاة والتسبيح والاستغفار والدعاء ونيل الأجر الكبير والعظيم، وليلة القدر هي عمر بكامله بل إنها تفوق عمر أي إنسان من أبناء جيلنا وعصرنا”.
وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه:”أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك” صدق رسول الله، وروى عنه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه صلى الله عليه وسلم قال:”من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه” وروي عنه أيضاً أنه قال:”من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه”. صدق رسول الله