أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله حمد مستدع مزيده و معتقد توحيده و مصدقا وعده و وعيده و أصلي و أسلم على خاتم الرسل إلى أقصد السبل سيدنا الحبيب صلاة و سلاما يقرباننا إلى الله زلفى و يحييان فينا الأمل.
أما بعد:
فأحببت أن أساهم في هذا الملتقى المبارك إن شاء الله بما من الله علي من هذه الكلمات حول فواتح السور عموما و حروف الهجاء منها خصوصا بشيء من الإيجاز حتى لا يمل القارئ من استعراض ما قيل و تحصل الفائدة إن شاء الله من خلال إثراء هذا الموضوع من قبلكم، و أحرص على ذكر أن هذا الموضوع كان مني باشارة من الشيخ الشرباتي زاده الله رفعة و قدرا و نفعنا بعلمه.
و لعل أهم من خص هذا الموضوع بالتأليف كما أورد ذلك الإمام السيوطي و لخصه في كتابه معترك الأقران في إعجاز القرآن الإمام ابن أبي الإصبع في كتاب سماه " الخواطر السوانح في أسرار الفواتح" و ها أنا أحاول تلخيص ماجاء فيه نسأل الله القبول و التوفيق و عموم الفائدة، راجيا أن لا تبخلوا علينا باثراء الموضوع و نقده و أن تدعوا لأخيكم الفقير المحتاج لدعوة خالصة في مواقيت جعل الله فيها الدعاء مستجابا.
فواتح السور اشتملت على أحسن وجوه البيان و البلاغة و أعذب الألفاظو أرقها و أحسنها نظما و اسلسها لما في ذلك من استمالة للسامع و قرع للسمع فيحدث بذلك القبول و تشهي سماع المزيد لمن كان عارفا بالعربية متذوقا لحلاوة بناء الكلم فيها.
و قد جعل الإمام السيوطي فواتح السور غير خارجة عن عشرة أنواع من الكلام هي:
1- الثناء على الله: و هو قسمان: إثبات لصفات المدح بالتحميد في خمس سور و تبارك في سورتين، و تنزيه عن صفات النقص بالتسبيح في سبع سور و قد ورد التسبيح بالمصدر في الإسراء و في الماضي في الحديد و الحشر و بالمضارع في الجمعة و التغابن و بالأمر في الأعلى و لكل ذلك مناسبة مهمة.
2- النداء في عشر سور خمس منها كان فيها للرسول صلى الله عليه و سلم و هي الأحزاب و الطلاق و التحريم و المزمل و المدثر و خمس أخرللأمة في النساء و المائدة و الحج و الحجرات و الممتحنة.
3-الجمل الخبرية: نحو "يسألونك عن الأنفال" و "براءة من الله و رسوله" و "أتى أمر الله فلا تستعجلوه" و "إنا فتحنا لك فتحا مبينا" و "قد سمع الله قول التي تجادلك" و "الحاقة" و "عبس" و "إنا أنزلناه" و"لم يكن" و "القارعة" و "ألهاكم" و "إنا أعطيناك" و هي ثلاث و عشرون سورة
4- القسم و جاءت في خمس عشرة سورة أقسم فيه الله بالملائكة في الصافات و بالأفلاك في البروج و الطارق و في ست بلوازمها و هي النجم و الفجر و الشمس و الليل و الضحى و العصر و في سورتين اقسم بالهواء هي الذاريات و المرسلات و في سورة الطور بالتربة و في سورة التين بالنبات و بالحيوان الناطق في سورة النازعات و بالبهائم في "والعاديات".
5- الشرط: ورد الشرط فاتحا لست سور هي الواقعة و المنافقون و التكوير و الإنفطار و الإنشقاق و الزلزلة و النصر.
6- الأمر: في ست سور هي الجن و العلق و الكافرون و الإخلاص و المعوذتين
7-الإستفهام في ست كذلك هي الإنسان و النبأ و الغاشية و الشرح و الفيل و الماعون.
8- الدعاء في ثلاث سور هي : المطففين، الهمزة و سورة المسد.
9- التعليل كما في سورة قريش، قال (أبو شامة) و ماذكرناه في قسم الدعاء يجوز أن يذكر مع الخبر و كذا الثناء كله خبر إلا سبح فهو داخل في قسم الأمر و سبحان يحتمل الأمر و الخبر ثم نظم ذلك في بيتين:
أثنى على نفسه سبحانه بثبو ت الحمد و السلب لما استفتح السورا
و الأمر شرط الندا التعليل و القسم ال دعا حروف التهجي استفهم الخبرا
10- حروف الهجاء: وردت في تسع و عشرين سورة جمعها بعضهم في قوله "نص حكيم قاطع له سر" و عددها نصف عدد أحرف الهجاء، و قد وقعت في أوائل السور بحرف واحد مثل سور ص و ق و القلم و وقعت بحرفين كذلك في مثل سورة طه و النمل و يس و الحواميم عدا الشورى و بثلاثة أحرف مثل البقرة و آل عمران و الشعراء و العنكبوت و الروم على سبيل المثال لا الحصر و ذات الأربعة أحرف مثل الأعراف و الرعد و ذات الخمسة في مريم و الشورى
و قد تعددت الأقوال في تأويل هذه الأحرف و كثرت الروايات حتى لم يبن راجح منها على مرجوح. كما سنبينه إن شاء الله تعالى في ما يتبع
-----------------------
يتبع