(5) ارسم طريقا لحياتك في هذه الغابة
أخي الحبيب... أختي الغالية:
تأملوا معي في هذه المواقف:
الأول:
- روى الأصمعي أنه وجد رجلاً من الأعراب يدعو ربه قائلاً: اللهم أمتني ميتة "أبي خارجة"!
فقال له: يرحمك الله وكيف مات "أبو خارجة"؟!
قال: أكل حتى امتلأ, وشرب حتى ارتوى, ونام في الشمس, فمات: شَبعان ريَّان.
(ما رأيكم في هذه الأمنية الجميلة؟!)
الثاني:
روى البيهقي والنسائي أن رجلاً من الأعراب جاءه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عقب غزوة خيبر بنصيبه من الغنائم وأخبروه أن هذا هو حقه الذي قسمه له رسول الله... فقال هذا الإعرابي:
"ما على هذا اتبعتك, ولكني اتبعتك على أن أرمى ها هنا -و أشار إلى حلقه- بسهمٍ فأموت فأدخل الجنة".
وصدق الله فصدقه الله واستشهد بعدها كما أراد...
إذاً أخي/ أختي:
هذان صنفان من الناس أضعهما أمامك... أحدهما كان كل هدفه من الدنيا العيش الرغيد والنوم المريح... فعاش لذلك ومات على ذلك. أما الصنف الآخر فكان على بصيرة وهدى، وقال: اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، لذلك سَمَى بغايته، وارتقى بهمته ابتغاء هدف وضعه نصب عينيه وهو الجنة. عاش لهذا الهدف ومات في سبيله فكان له ما أراد.
والآن تفكّر معي للحظات بهدوء... واسأل نفسك:
من أيهما أنا؟!
لماذا أعيش في هذه الدنيا؟!
ما هو هدفي من الدنيا؟!
ماذا عليَّ أن أفعل؟!
إخواني وأخواتي:
هل خُلقنا لنحيا كما تعيش الدواب والأنعام: أكل وشرب ونوم وشهوات؟ أم خلقنا لشيءٍ آخر؟!
هل يُعقل بعد ذلك أن يكون أقصى هم الفتاة أن يقول عنها الناس: جميلة، فائقة الجمال؟!
هل يعقل أن يكون منتهى تفكير الشاب أن يَعْجُب هذه ويصاحب هذه ويمشي مع هذه ويعاكس هذه؟!
هل هذا طريق أبناء خير أمةٍ أخرجت للناس؟!
الحمد لله الذي علَّمنا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ". وصلى الله وسلم على من قال: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه".
سوف يُسأل كل منا عن عمره لحظة بلحظة: ساعة كذا في يوم كذا وساعة كذا من يوم كذا!
وما أصعب السؤال على من عاش عمره كله بلا هدف أو هوية...
وأخيراً: أخي الحبيب, أختي الفاضلة:
ارسمْ طريق حياتك، خططْ لمستقبلك، ولا تنسَ هدفك الأسمى:
رضا الله ودخول الجنة