(قناة المعكّر) التي بنتها أيدي الأميرات

تقع قناة المعكر في منطقة الزوية في الجولان المحتل، وهي القناة التي تغذي (الحصن) المشرف على بحيرة طبرية من الجنوب الشرقي على طريق مدينة (سمخ) الفلسطينية.
تبدأ قناة المعكر من وادي سكوفيا شمالاً من ينابيع المياه المنحدرة إلى وادي السمك شمالاً، حيث يبدو بناء القناة من نبع عين (التينة) وبئر (طلب)، وعين السدرة وعين (الجردة) وعين (الطيوّن) في هذا الجزء من القناة تسير في خط مستقيم من الشرق إلى الغرب، ثم يبدأ انحراف القناة إلى الشمال قليلاً، ثم إلى الغرب فالجنوب إلى أن تصل إلى عين (السويقطة)، ثم يتابع بناء القناة إلى الجنوب في الكتل الصخرية الواقعة بين قريتي (سكوفيا) و(شكوم)، إلى أن يصل إلى واد صغير (الخويبة) فينحرف بناء القناة إلى الشرق حتى يكمل دورته إلى الغرب ليصل إلى (الحصن). حيث خزانات المياه المنقورة في الصخر، ومهاجع الخفر والعمال ومرابط الخيل.
يعود بناء قناة (المعكّر) في الجولان إلى عصر الاستعمار الروماني للشام.
يقع (الحصن) على قمة عالية نسبياً، وهو نقطة تفتيش وحراسة للقوافل المارة، ولكن ماذا يعرف سكان الجولان عن تاريخ قناة المعكر؟
يتناقل السكان خبراً أسطورياً عن قناة المعكر، ومفاده أن إحدى الأميرات بَنَتْ (الحصن) في هذا المكان المرتفع وأرادت أن تجر إليه المياه، فأمرت رجالها لبناء قناة المعكر، فباشروا العمل وأنجزوا مشروع قناة المعكر.
خرجت الأميرة تفاخر أباها (الملك)، وهي تقول: لقد جلبت المياه إلى الحصن بقوتي وقوة رجالي، فقال لها أبوها (الملك) بل قولي: بعون الله، فقالت: بل بقوتي وقوة رجالي، وكررت قولها ثلاث مرات، فزلزلت الأرض و(عكر) الماء، أي: تراجع وانحسر، وجفت ينابيعه.
أما قناة المعكر في ذاكرة الغناء الشعبي، فلم أجد إلا هذين البيتين اللذين يمزجان الحب بالأسطورة:
بقينا بين زحلة والمعكّر
وبحر كان صافي لي تعكّر
غزال كان طايع لي تنكّر
جفل يا حسيرتي وأنطى قفاه
يزعم سكان منطقة الزوية أن هذين البيتين كانا مكتوبين على جدران الحصن، ولا أراهم أرادوا من هذا الزعم إلا ليدعموا ويؤكدوا صحة ما يتناقلونه عن سبب انحسار الماء واحتباسه في باطن الأرض، وهناك خبر آخر ينسب هذين البيتين إلى محمد آل حرفوش، الذي كان قد خطب ابنة عم له قبل سفره إلى مصر من مدينة (زحلة) لإكمال دراسته الدينية، وعندما عاد إلى زحلة أخبره أهله بأن عمه غادر إلى مدينة (فيق) فشد الرحال إلى فيق ولدى وصوله أخبر بأن ابنة عمه تزوجت من رجل غيره، فارتجل هذين البيتين، ونحن بدورنا نرجح هذا الخبر على سابقه، وحجتنا:
1- إن محمد آل حرفوش جاء إلى مدينة فيق حوالي العام 1725م. حيث كان الوطن العربي كله وحدة جغرافية وسياسية موحدة (تحت السلطة العثمانية). حيث كان بإمكان أي فرد أو جماعة التنقل بحرية. وهذا ما يكسب المعرفة الأوسع التي تتجاوز حدود القرية والمدينة والإقليم الذي نشأ فيه هذا الفرد أو عاشته تلك الجماعة.
2- إن قائل هذين البيتين يجب أن يكون على قدر كبير من المعرفة بتاريخ قناة المعكر من حيث موقعها وما يحاك حولها من أساطير. ونعتقد أن قائل هذين البيتين على معرفة سابقة بقناة المعكر اكتسبها بفضل نجعات متكررة كانت تقوم بها أسرته قبل سفره إلى مصر، ومعروف أن الجولان أرض نجعة ورعي وفير. حيث كان يأتيها الرعاة من أماكن هي أبعد بكثير من مدينة زحلة القريبة نسبياً. وهناك دليل آخر على معرفته السابقة بقناة المعكر، إذ انطلق من زحلة إلى فيق من غير دليل، ولا بأس من تحسس عاطفة الشاعر برغم مرور القرون، فقلبه بين قطبي رحى، حنين إلى زحلة وشوق إلى رؤية الحبيبة التي صارت إلى غيره في غفلة من زمن أشبه ما يكون مغناطيساً بين كتلتين من حديد.
أردنا تسليط الضوء على معلم من معالمنا الأثرية في جولاننا الحبيب الذي يعيش في وجداننا، يرحل إذا ارتحلنا، ويقيم حيث حللنا، كما أننا نريد أن نؤكد أمراً هو في غاية الأهمية أن التوصل بين أفراد وجماعات الأمة العربية كان ولم يزل قائماً برغم سياسات التجزئة المقيتة التي زرعتها براثن الاستعمار

وهل هذا يعني ياأخ رائد انكم تنتسبون لبعضكم البعض أي معاكرة الضالع ومعاكرة حلب

حسب الوثيقة الموجودة لدينا نعم ومنهم في فلسطين